جائني سؤال من احد القراء يقول لي أنه تأتيه أفكار شذوذ جنسي وأنه يكره هذه الأفكار ولا يريدها ولا يعرف كيف يقاومها فهي تستفزه ، فما الحل ؟
هذا السؤال جميل لأنه يفتح لنا معرفة طريقة تفكير الشيطان وأحد أساليبه التي يستخدمها مع الإنسان لدفعه نحو المعصية ؟
في حالة السائل لاحظ أن الشيطان يوسوس له بأفكار عن الشذوذ الجنسي فيعطيه إيحاءات أو صور تتعلق بهذا الأمر ؟ بل وقد يأتي من يتحدث أمامه بهذه الأمور بأسلوب يُظهر فيه أن هذا الأمر القذر هو أمر محبب وجميل !
فمال الذي يحصل ؟
في حقيقة الأمر أن الشيطان أكثر خبير نفسي في هذا لعالم فهو يعيش من عصور سحيقة ومن قبل أن يخلق الإنسان من الأصل وكان موجوداً حين خلق الله سيدنا آدم ، والشيطان لديه هدف واضح وصريح أعلنه أمام الله عز وجل في علاه وهو ( إغواء إبن أدم بتزيين المعاصي له حتى يورده النار والعياذ بالله )
فالشيطان يعرف أن مصيره النار ولكنه لا يريد أن يدخلها وحده
ولهذا فهو قد جرب كل طرق إغواء إبن أدم من بداية البشرية وإلى اليوم وهذه الطريقة التي يمارسها مع السائل هي حيلة تعتمد على طريقة إستجابة الإنسان وردة فعله نحو الأفكار
فالشيطان يعرف هذه المعلومة جيداً والتي أريدك أنت عزيزي القاريء أن تعيها جيداً لأنك إن عرفت خطة عدوك نجوت من مكره بإذن الله فأرجوا أن تكون كيساً فطناً ولا تجعله يعبث بعقلك وأنت غافل عنه .
الشيطان يعرف أنه إن عرض عليك المعصية فلن تستجيب لها أول مرة لأنك ستنفر منها ، فلو طلب منك ممارسة الزنا أو اللواط وأنت إنسان عفيف فستنفر من هذه الفكرة لأنها تخالف فطرتك السوية ، ولكن الشيطان لديه قاعدة تعتمد على التكرار
فالشيطان لا يمل من التكرار ، لماذا ؟
لأن تكرار الفكرة إن تجاوبت معه فسيتحول تلقائياً إلى رغبة !
والرغبة حين تتكرر فإنها ستتحول إلى فعل !!!
لهذا حين يريد الشيطان من الإنسان أن يفعل معصية فإنه يطرح عليه ( فكرة ) هذه المعصية ويزينها له ويكررها على عقله حتى تتحول الى رغبة وإن تحولت الى رغبة فسيحاول الالحاح على صاحبها حتى تشتعل هذه الرغبة وهنا سوف تتحول إلى ( فعل ) وهنا الكارثة !
لهذا حتى تقطع الطريق للمعصية فيجب عليك أن تقطعه من بدايته فبمجرد أن يبدأ الشيطان في طرح أفكار تحبب المعصية لنفسك فأستعذ بالله منه ، قد يختفي ثم يعود بعد قليل فكرر الإستعاذة منه.
ومن الأمور التي يكرهها الشيطان ولا يقوى عليه بمشيئة الله هي ( التسبيح )
فإن كنت تسير في أمان الله وفجأة خطرت في بالك أفكار تحرضك على معصية الله فهنا إنتبه..ومباشرة إبدأ في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير
وقل بقلب خاضع لربه ( سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله وأكبر )
وكرر التسبيح ولا تمل حتى ينصرف الشيطان عنك لأنك بذلك توجه له ضربات موجعة لن يطول صموده أمامها
بل أن أحدهم يقول أنه فجأة بدأت تأتيه أفكار بالمعصية فأدرك أنه الشيطان ومباشرة بدأ في التسبيح لأن الشيطان لا يستطيع أن يوسوس في وجود التسبيح وسرعان ما فر الشيطان منه ..
نعم قد يعود لكن عد أنت أيضاً وسلاحك أقوى من سلاحه ولن يقوى عليك بمشيئة الله
لهذي نصيحتي لكل شخص أن يحذر من ( الشيطان ) فالشيطان يجيد التخفي ويجيد الإلتفاف حتى يقنعك أن كل فكرة مزعجة هي منك وليست منه ، وحتى تعرف أنها منه يكفيك أن تعرف هل الفكرة تغضب الله أم لا ؟ فالشيطان كل همه أن تغضب خالقك حتى يغضب عليك كما غضب عليه وتوعده بالنار والعياذ بالله منها .
وأنصحك أخي وأختي القارئة بالعودة لأهل العلم في أي أمر يستشكل عليكم فبعض الأمور قد يزينها الشيطان حتى تظن أنها ليست معصية وهدفها أن يوقعك فيها ويستغل فيها أمرين ( رغبتك فيها ) و ( جهلك بالحكم الشرعي فيها)
ولهذا يجب على كل مسلم أن لا يظلم نفسه بأن يجعلها جاهلة بأحكام الدين بل يجب أن يسارع لمعرفة أي أمر يستشكل عليه ويسأل أهل العلم
والمواقع الموثوقة للمشائخ الثقات موجودة وستجد فيها أغلب الاسئلة بإجاباتها وبالأدلة
وختاماً حتى لا نقع في فخ الشيطان يجب علينا أن لانغفل عن ذكر الله
فأول ما يسيطر عليه الشيطان هو ( لسانك ) فإن انشغلت عن ذكر الله انشغلت نفسك فيما لا يرضي الله لأن الشيطان لن ينساك إن وينتظر لحظات الغفلة منك وهو يستقوى عليك إن غفلت عن ذكر الله
قال تعالى :
( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله )
فإنتبه أن يستحوذ عليك ويضمك إلى قافلة العصاة وأقهره وأكبته وأردعه بكثرة ذكر الله
قال تعالى:
(والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما)
وحين تنضم الى قوافل الذاكرين الله كثيراً والذاكرات فلن تقبل أن تتخلي عن ركب هذه القافلة السائرة بإتجاه الله لأنك ستتذوق من السعادة واللذة والطمأنينة والتوفيق مالم ترى مثله في حياتك .
أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم أنه سميع قريب ومجيب
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ،،